احتجاجات متزايدة.. عمال ومتقاعدون يتظاهرون في إيران للمطالبة بتحسين أوضاعهم
احتجاجات متزايدة.. عمال ومتقاعدون يتظاهرون في إيران للمطالبة بتحسين أوضاعهم
شهدت الأيام القليلة الماضية تصاعدًا جديدًا في موجة الاحتجاجات العمالية بإيران، إذ نظّم الممرضون في جامعة علوم الطب بمدينة كرمانشاه، ومتقاعدو شركة الاتصالات في عدة مدن، إضافة إلى متقاعدي البنك الوطني وعدد من موظفي شركة النفط في منطقة لاوان جنوبي البلاد، الاثنين، تجمعات احتجاجية للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية والمهنية المتردية.
وعبّر المشاركون عن غضبهم من استمرار تجاهل السلطات لمطالبهم رغم الوعود الحكومية المتكررة بإصلاح الأوضاع الاقتصادية، التي تشهد تدهورًا متسارعًا منذ سنوات، بحسب ما ذكرت شبكة “إيران إنترناشيونال”، اليوم الثلاثاء.
وأكدت "إيران إنترناشيونال"، التي بثّت مقاطع فيديو من مواقع الاحتجاجات، أن تجمع الممرضين في جامعة كرمانشاه جاء في مناسبة "يوم الممرض"، وتحول إلى تظاهرة احتجاجية ضد ما وصفوه بـ"الإهمال الإداري وسوء إدارة القطاع الصحي".
وأوضح مجلس تنسيق احتجاجات الممرضين، في مقطع مصوّر، أن المشاركين أعربوا عن استيائهم من عدم حصولهم على مستحقاتهم القانونية، بما في ذلك أجور العمل الإضافي والمكافآت السنوية المتأخرة منذ العام الماضي، مشيرين إلى غياب رئيس الجامعة عن الفعالية بحجة “انشغاله بأمور شخصية”، ما اعتُبر دليلاً على التجاهل الرسمي لمطالب الطواقم الطبية.
غضب في صفوف الممرضين
أعلن الممرضون المحتجون نيتهم تصعيد تحركاتهم، مهددين بتنظيم إضرابات متكررة إن لم تُلبَّ حقوقهم المادية والمهنية.
وأكدوا أن الأزمة لم تعد مقتصرة على الأجور المتأخرة، بل تمتد إلى نقص الكوادر، وضغط العمل المتزايد، وسوء ظروف المستشفيات التي تفتقر إلى التجهيزات، خصوصًا بعد جائحة كورونا التي كشفت هشاشة المنظومة الصحية الإيرانية.
وأشار المشاركون إلى أن السلطات الصحية لم تنفذ أيًّا من وعودها السابقة بتحسين الرواتب أو منح العاملين امتيازات خاصة، رغم ارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض قيمة الريال الإيراني.
تظاهرات متقاعدي الاتصالات
شهدت مدن إيرانية عدة، من بينها طهران، أصفهان، تبريز، رشت، زنجان، شيراز، وكرمان، احتجاجات متزامنة لمتقاعدي شركة الاتصالات، الذين رفعوا شعارات تندد بسياسات الهيئات المساهمة في الشركة، وعلى رأسها "لجنة تنفيذ أوامر الإمام" و"مؤسسة تعاون الحرس الثوري".
وردد المتظاهرون في العاصمة شعارًا لافتًا يقول: "عدونا هنا.. يقولون أمريكا"، في إشارة إلى تحميل النظام الإيراني نفسه مسؤولية الأزمة المعيشية بدلًا من تعليقها على العقوبات الخارجية.
وطالب المحتجون بتنفيذ اللوائح الخاصة بحقوق المتقاعدين وصرف المستحقات التأمينية المتأخرة، مؤكدين أن وعود الحكومة لم تُترجم إلى أي خطوات عملية منذ أكثر من خمس سنوات، على الرغم من تنظيم أكثر من 100 تجمع سابق في مختلف المحافظات خلال الأعوام الماضية دون جدوى.
غضب المتقاعدين والموظفين
احتشد متقاعدو البنك الوطني الإيراني أمام المبنى المركزي للبنك في طهران، مرددين شعارات تعبّر عن السخط الشعبي مثل: "كفى وعودًا.. موائدنا فارغة"، و"انسوا المستقبل.. فكروا فينا".
في الوقت نفسه، نظّم موظفو شركة النفط "فلات قارة" في منطقة لاوان تجمعًا احتجاجيًا طالبوا فيه بتعديل الرواتب، وإعادة المكافآت الكاملة للعاملين في الجنوب، وإلغاء القيود المفروضة على سنوات التقاعد، واسترجاع الضرائب المقتطعة بشكل غير قانوني.
كما دعوا إلى حماية استقلال صندوق التقاعد النفطي، معتبرين أن تدخّل الجهات الحكومية في موارده يعدّ انتهاكًا لحقوق العمال الذين يعتمدون عليه بعد عقود من الخدمة.
تصاعد الغليان الاجتماعي
تزايدت الاحتجاجات العمالية في إيران بشكل غير مسبوق خلال العامين الأخيرين، في ظل انهيار القدرة الشرائية وارتفاع معدلات التضخم إلى أكثر من 40%.
وبحسب التقرير السنوي لموقع حقوق الإنسان الإيراني "هرانا"، فقد سُجل ما لا يقل عن 3700 تجمع وإضراب خلال عامي 2024 و2025 في قطاعات العمل والتعليم والصحة والبيئة، فضلاً عن احتجاجات طلابية وسياسية.
ويشير مراقبون إلى أن الحكومة الإيرانية، برئاسة مسعود بزشكيان، تواجه أزمة ثقة حادة، إذ يرى الشارع أن سياساتها الاقتصادية فشلت في معالجة الأزمات الهيكلية، بينما تتزايد النقمة الشعبية على الفساد وسوء الإدارة.
ويرى محللون أن هذه التحركات المتزامنة في مختلف القطاعات تعكس اتساع الهوة بين الحكومة والشارع، وأن استمرارها قد يشكّل تحدياً سياسياً جديداً للنظام في الأشهر المقبلة.











